top of page

رؤية جديدة لمفهوم العطلة!

من مسلسل The Crown، الموسم الرابع،


الحلقة 2: The Balmoral Test


الأميرة Margaret: هذا الكرسي، لا يجلس أحد عليه، إنّه كرسيّ الملكة Victoria!


الأميرة Margaret Thatcher: عجباً!


الأميرة Margaret: وتعرفين أنّنا في عطلة رسميّة، صحيح؟


الأميرة Margaret Thatcher: أجل، لكنّه من الصعب الاستمتاع بأي عطلة مع وضع البلاد الحاليّ.


الأميرة Margaret: لقد عانت البلاد من قبل ولا شكّ في أنّها ستعاني مجدداً ذات يوم. يتعلّم المرء من خبرة الحياة درساً يتمثّل في أنّ أخذ فترة من الراحة تكمن أحياناً في التصرّف المنطقيّ أكثر.


الأميرة Margaret Thatcher: في الواقع، فترات الراحة لا تناسبني ولا تمنحني شيئاً من المتعة.


الأميرة Margaret: قد تمنحك شيئاً أهمّ من ذلك... وجهة نظر.


نحن السعوديّون نتوقّع الكثير من عطلاتنا وإجازاتنا، فيجب أن تكون ممتعة ومريحة ومليئة بالمغامرات. ومن المتطلّبات الجديدة اليوم أن تليق بـInstagram وSnapchat، إذ لا بدّ من توثيق كلّ لحظة ومشاركة كلّ شي، ويجب التخطيط لكلّ شيء أيضاً، والجميع يجب أن يكونوا في المكان نفسه والوقت نفسه.


تُخصَّص الإجازات للأطفال في عطلاتهم المدرسيّة، حيث نستمتع بالشاطئ، والتسوّق من العلامات التجارية الفاخرة غير المتوافرة لدينا في السعودية، وتجربة المطاعم والمقاهي وشاحنات الطعام الرائعة. كما يجب أن نتذوّق المثلّجات الشهيرة في تلك القرية الصغيرة في إيطاليا، أو تناول السباغيتي مع الكركند في ذاك النادي الشاطئي في ميكونوس، أو تناول البطاطا المقلية أو البوراتا في جنوب فرنسا.


ونريد أن نتألّق ونرتدي أجمل الملابس، فهناك أزياء كثيرة في خزاناتنا مناسبة للعطلات ونريد أن نرتديها، مثل ذلك القفطان أو السترة التي تشكّل خياراً مثالياً للعطلة في إيبيزا، لكنّها لن تنفع في جزر المالديف. وهناك تلك السترة من الفرو باهظة الثمن التي ارتديتها مرّة واحدة في كورشوفيل مثلاً. ومع المزيد من عطلات نهاية الأسبوع الطويلة والإجازات الصغيرة في السعوديّة بالإضافة إلى الفعاليات والزوّار، لديكم المزيد من الخيارات في المنطقة مثل العلا أو الطائف أو أبها أو جدة، بالإضافة إلى دبي أو الجونة أو الساحل الشمالي!


والآن بعد أن قرّرتم وجهتكم، وكما نؤمن جميعنا بالاعتقاد الشائع أنّ التكنولوجيا ستجعل حياتنا أسهل وأسرع، وقبل أن ندرك الأمر حتى، نكون قد أمضينا حوالى تسع ساعات تقريباً (إذا حالفنا الحظّ وكنّا سريعين) في البحث للحصول على أفضل الأسعار للرحلات الجويّة والفنادق. ثمّ يحين الوقت لحجز المطاعم والفعاليات والمقاهي ومواعيد السبا والأنشطة على الشاطئ وجولات التنزه والحفلات الموسيقيّة والمغامرات والغوص وأنشطة الأطفال. لكن هذا ليس كلّ شيء! فلا ننسى أيضاً حزم الأمتعة. لكن ما عدد الحقائب التي أحتاجها؟ أي ملابس أختار؟ وكم حذاء؟ هل سأمارس الرياضة هناك؟ أحتاج إذاً إلى لوازم الرياضة... وماذا لو دُعيت إلى عشاء فاخر؟ فسأحتاج إلى ارتداء الملابس الراقية والحقائب والقبّعات والإكسسوارات واستخدام المستحضرات... كلّ هذا مرهق وستحتاجون إلى عطلة بعد تعب التخطيط للعطلة. فربما من الأفضل أن نبقى في المنزل ونستمتع بوقتنا في الاسترخاء بالفعل، وعندها نتمكّن ربما من إيجاد منظور جديد كما قالت الأميرة Margaret.


هذه اللحظة الآن... قد تكون عطلة صغيرة


قد يبدو كلامي مبالغاً فيه بالنسبة إلى البعض، لكن بالنسبة إليّ هذا بالضبط ما أشعر به، فعندما أكون منشغلاً جداً بالعمل والحياة والهوايات، أشعر طبعاً أنني بحاجة إلى عطلة، ولكن في الكثير من الأحيان، أكون منشغلاً جداً للتخطيط لها. وبينما أكتب هذا المقال، أخطط بالفعل لعطلتي الصيفيّة، آملاً لو كان لدي 3 أسابيع لفعل ذلك كما يجب، لكنّني طبعاً فشلت! فكان عليّ الذهاب إلى أبو ظبي لحضور "ملكة" صديقي (كتب الكتاب)، والعودة إلى الرياض في وقت متأخر من الليل، ثمّ السفر في اليوم التالي إلى الكويت للعمل بسبب احتياجات غير مخطّط لها. وفجأة لدى عودتي، اكتشفتُ أنّ فترة الأسابيع الثلاثة التي ظننتُ أنّني سأستفيد منها للتخطيط أصبحت خمسة أيّام فقط، ولم أحجز تذكرة سفر، ولم أحزم أمتعتي وليس لديّ أيّ حجوزات في المطاعم، ولا حتّى الجسد المثاليّ للشاطئ كما كنت أتمنّى!


لكن في ذاك اليوم الذي أمضيته في أبو ظبي، ذهبت وصديقي "العريس" إلى الشاطئ لتناول الغداء ثمّ سبحنا في مياه الخليج العربي الصافية، وعندما أخرجتُ رأسي من الماء وفتحت عينيّ، رأيتُ صديقي أمامي في المياه، والشاطئ الرملي الهادئ خلفه حيث المظلّات وواجهة الفندق، وفجأة راودني سؤال لم أفكر فيه من قبل، لماذا لا تكون هذه عطلة؟! هذه اللحظة الآن... قد تكون عطلة صغيرة، ولو لمدّة ساعتين. كان هذا هو المنظور الجديد الذي وجدته، فيجب أن تقدّم لكم العطلة أو الإجازة ما تريدونه فقط. مثلما لدينا خيارات في الحجوزات والملابس والوجهات، يجب أن نعيد تعريف معنى العطلة والإجازة. ولدينا اليوم ما يُعرف بالـStaycations أو العطلات في مكان الإقامة، ولماذا لا يمكن أن تكون رحلة العمل بمثابة عطلة مثلاً؟ فإذا استطعتم قضاء ولو ساعة في مقهى للاستمتاع بفنجان قهوة، حتى لو كانت سيئة، من يأبه؟!


وقد تتمثّل عطلتكم أيضاً بالبقاء في المنزل والنوم وفعل ما تريدونه حقاً، مهما كان ذلك. وربما تكون مجرّد التألّق في منزلك أو استقبال الأصدقاء أو الذهاب إلى حديقة محليّة أو ممارسة الرياضة.


إذ يؤدّي تغيير طريقة التفكير في مفهوم العطلة إلى تحقيق الهدف الفعليّ منها. فيجب أن تريحنا العطلة أو تلهمنا وتجدّد نشاطنا وتجلعنا نستعيد الاتصال بأحبائنا أو الأهم من ذلك التواصل مع أنفسنا. وقد لا تكون أي من كلّ تلك الأمور، فربما لا تحتاجون حتى إلى تعريفها. ويمكن أن تكون العطلة مجرّد وقت فراغ بعيداً عن التفكير في أي شيء أو في الدروس أو وجهات النظر أو الأهداف.


وفي رحلة العودة من أبو ظبي، (التي اضطررت إلى تغيير موعدها لوقت أبكر وركوب الطائرة من دبي لكي أنام في سريري في الساعة 2صباحاً وأذهب إلى العمل بنشاط كما كان يفترض) وأنا في مقعد 57A في القسم الخلفي من الطائرة، قرّرتُ عدم الترفيه عن نفسي. جلستُ هناك طوال مدّة الرحلة، ولم أفعل شيئاً، لم أفكّر في أيّ شيء، وشعرت فعلاً بالحماس لرؤية كيف سيشعر جسدي وعقلي وروحي طوال فترة الساعة والنصف، فيما أجلس وأستوعب الأجواء. ويمكن اعتبار تلك الرحلة إجازة إذا قرّر عقلنا ذلك.


وأخيراً، أتمنّى أن تستمتعوا بعطلتكم، كيفما كانت وأينما كانت.

 



Comments


bottom of page